
الطموح الزائد كبرت ولم أوفق بزوج وأولاد ولا وظيفة.. فما توجيهكم لي؟ ...
إذا ظَهَرَ لك - سلَّمك الله - وَجْهُ ما ذَكَرْناه، أيقنتَ أن طَلَبَ الكمال لا يعوق التميُّز؛ بل على العكس تمامًا، هو داعٍ إلى التميُّز، فإن ضعُفْتَ عن الكمال، فلا يتسلَّل إليك فكرٌ سلبيٌّ؛ سواء بالضيق، أو تَرْك العمل، أو غير هذا، ولتتذكَّر حينئذٍ النصوص السابقة، وتذكَّر أنَّ الأصل هو استقامة القلب على كل حالٍ، وأنَّ عمَلَ الجوارح يكون بحسَبِ الطاقة، حتى في الكفِّ عن الذنوب إن غلبتْك الطبيعةُ البشريةُ، فتذكَّر حديث أبي هريرة، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بِيَدِه، لو لم تُذنبوا لَذَهَبَ الله بكم، ولَجاء بقومٍ يُذنبون، فيستغفرون الله فيَغْفِر لهم))؛ رواه مسلم، والمهمُّ عدم الإصرار، والإسراع بالتوبة.
والحكمةُ مِن حَضِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم أُمَّتَه على القصد والمداوَمة على العمل وإن قلَّ: خشيةُ الانقطاع عن العمل الكثير؛ ففي الصحيحين عن عائشة، أنها كانتْ تقول: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((سدِّدوا وقاربوا وأبشِروا، فإنه لن يُدخل الجنةَ أحدًا عملُه))، قالوا: ولا أنتَ يا رسول الله؟ قال: ((ولا أنا، إلا أن يَتَغَمَّدني اللهُ منه برحمةٍ، واعلموا أن أحبَّ العمل إلى الله أدومه وإنْ قلَّ)).
فالرغبةُ في التميُّز وأداء الأعمال على الوجه الأكمل - سواءٌ الأعمال الدينية والدنيوية - دليلٌ على عُلوِّ هِمَّتك، غيرَ أنَّ للإنسان طاقةً محدودةً، وقدرةً مُعيَّنةً على الأعمال، وعجزًا أيضًا، ومِن رحمة الله تعالى أنه لا يُكلِّفنا إلا ما في طاقتنا ووُسعِنا، ولو تأمَّلتَ بعضَ ما وَرَدَ في الشريعة السمحاء، لأدركتَ أنَّ الشارع الحكيم قد حثَّ على الاستقامة، وهي: السدادُ والغايةُ في التميُّز، ولكن جعَلها مرتبطةً بطاقة المكلَّف؛ بحيث لا يَغلو ولا يُقصِّر.
الفشل والنجاح في الحياة الواهم في السعي إلى الكمال ...
وتكمن المشكلة عند نسبة كبيرة من الناس، أنَّهم يعطون أهميّة مبالغاً بها لتوقُّعاتهم، أكثر من الأهمية التي يعطونها للواقع الذي يشكّل الملعب الحقيقي للإنسان، فنحن نعيش في الواقع، لا نعيش داخل توقّعاتنا.
ما هو التحليل النفسي الكامن وراء الميل الوسواسي نحو انقر هنا الكمال؟
اسعَ إلى فهم ما يغذي ميولك نحو الكمال، واعرف دافعك الأساسي وراء ذلك؛ إذ يوجد سبب يجعلك تسعى جاهداً إلى تحقيقه، فمثلاً: ربَّما تعلمت أنَّك بحاجة إلى تحقيق ذلك في مرحلة ما خلال مسيرة حياتك، أو أنَّ شخصاً ما أثنى عليك في وقت ما؛ ممَّا قد جعلك تشعر بأنَّك جدير وموثوق وهام.
وهذا الحديثُ - سلَّمك الله - يَصْلُح أن تجعله مَنجى لحياتك الدينية والعمَليَّة والعلميَّة؛ فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم حضَّ أولًا على السداد، وهو: الإصابةُ في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد، كمَن يرمي السهم فيُصيب، وفي الصحيح عن عليٍّ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((قل: اللهم اهدِني وسدِّدني، واذكُرْ بالهدى هدايتك الطريق، والسَّداد سداد السَّهم)).
إلَّا أنَّ بعض مدارس علم النفس، تُرجِع سعي الإنسان نحو الكمال، بأنَّه عاش مرحلة ما من حياته، لم يكن فيها أبواه راضين عمَّا وصل إليه في حياته من إنجازات، وما حقَّقه من أهداف؛ وهذا يعني أنَّه عاش في جوٍّ من القلق والتوتر أو عدم الرضى الزائد عن الحدِّ، حتى لو كانت الأمور على ما يرام، أو أنَّ هناك نواقص يسيرةً فيما يقوم به.
يعتقد الساعون للكمال أنهم لن يكونوا أبدًا محبوبين ومقبولين إلا إذا كانوا كاملين. عادة ما يتم تطوير هذا الاعتقاد خلال مرحلة الطفولة. هل يتوقع والدك/تك منك الكثير كطفل؟ من المحتمل أن يكون قد ساهم في اكتسابك لهذه الصفة.
تتضمن هذه التقنية وضع نفسك تدريجيًّا في مواقف عادة ما تتجنبها خوفًا من ألا تسير الأمور على ما يرام. تذكر فحسب: في أسوا الافتراضات، اعتبر الفشل فرصة للتعلم.
إذا كانت الإجابة "نعم"، فلا تشغل نفسك بهذا الأمر، وتقدَّم نحو الأمام، واستخدم وقتك وطاقتك للقيام بالأمور بصورة أفضل في المرة القادمة
فإذا أخبر شخص بالغ طفلًا صغيرًا أنه ليس ذكيًّا كفاية أو أنه بدين أو غير موهوب، فسوف يستوعب الطفل هذه الرسالة ويأخذ بصحتها ويستمر في البحث عن دليل داعم لتلك النظرة.